كتبت صحيفة “الأنباء” الالكترونية: ضمن سباق لافت بين المساعي الدبلوماسية الساعية لوقف الحرب، ونزع فتيل التوتر في المنطقة، وفي ظلّ الزيارة المرتقبة للرئيس الأميركي جو بايدن إلى الأراضي المحتلة في الساعات المقبلة، وقرع طبول الحرب التي يشنها العدو في غزة جنوباً وعلى الحدود مع لبنان شمالاً، تبدو المسافة بين الحلّ السلمي والخيار العسكري بدأت تضيق، لأنَّ اسرائيل التي لم تستفق بعد من الصدمة، جراء طوفان غزة ما زالت مصممة على التصعيد والوعيد، فيما يزال القصف الإسرائيلي يستهدف كلّ القرى الحدودية من رميش وسهل القليلة في القطاع الغربي إلى العرقوب ومزارع شبعا في القطاع الشرقي.
وفي سياق التطوّرات، أشارت مصادر أمنية في حديث لـ”الأنباء” الإلكترونية إلى أنَّ “الخيار العسكري ما زال يتقدّم على الحلّ السلمي تماشياً مع السياسة الإسرائيلية القائمة على الاعتداءات وسفك الدماء، هذا في حالات السلم، فكيف يمكن تصور الوضع بعد طوفان الأقصى، وبذلك تبقى احتمالات الحرب والانتقام هي الأقرب إلى العقل الإسرائيلي في هذه اللحظات المفصلية من تاريخ الدولة العبرية”.
في المواقف، وصف النائب أحمد رستم ما يجري في غزة بأنّه “إجرام غير طبيعي، فالعدو الإسرائيلي أطماعه معروفة، آملاً أن يبقى الوضع في لبنان ضمن الضوابط المتعارف عليها، والالتزام بالقرار 1701، لكن لا أحد يعرف كيف تتطور الأمور”، لافتاً في حديث لـ”الأنباء” الإلكترونية إلى أنَّ “القضية الفلسطينية لا تخص جهة معينة، بل إنها تخص كلّ الدول العربية التي عليها واجب حماية الشعب الفلسطيني من المؤامرة التي يتعرض لها، وله الحق الكامل باستعادة أرضه”.
وإذ أمِل رستم بنجاح المساعي الدبلوماسية في التوصل إلى وقف لإطلاق النار، رغم أنَّ الصورة ما زالت ضبابية، دعا إلى تفعيل حكومة تصريف الأعمال لتقوم بواجبها في خدمة الناس تحسباً أيّ طارئ.
وفي سياق التحليلات العسكرية لما يجري في غزة وفي جنوب لبنان، لفتَ الخبير العسكري العميد المتقاعد ناجي ملاعب إلى أنَّ هناك حالة إرباك بداخل اسرائيل، وهذا الأمر تجلّى في التظاهرة التي طالبت باستقالة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، كما وأنَّ هناك تراجعاً عن الدعم الأميركي لإسرائيل ولو كلامياً”، مذكراً في حديث لـ”الأنباء” الإلكترونية بحديث “نتنياهو في اليومين الأولين لعملية طوفان الأقصى، إذ هدد حينها بالقضاء على حماس ومحوها من الوجود، إلّا أنَّه عاد وتراجع عن هذه الشعارات، علماً أنّه ليس بالسهولة القضاء على حماس أمام هذه المستجدات”.
وحول مسألة تهجير السكان من شمال غزة إلى جنوبها، اعتبرَ ملاعب أنه “إذا كان يعتقد نتنياهو بوجود القوة الأميركية في المنطقة الداعمة له يستطيع احتلال الجزء الشمالي من غزة، يعني أنه يعيد إلى الأذهان عملية صفقة القرن التي جاء بها دايفيد كوشنير صهر الرئيس دونالد ترامب سنة 2018، بمغريات يتحوّل معها الجهد الفلسطيني إلى جهد اقتصادي، إذ، كان هناك مخطط آنذاك في المنطقة المحاذية لغزة بقيام دويلة أو حكم ذاتي في شمال سيناء وجنوب غزة”، لافتاً إلى أنَّ “هذا الموضوع طرح سليم في الماضي، لكن يومها كانت الدول الإقليمية مختلفة عن اليوم”.
وفي الأحداث المستجدة جنوباً، رأى ملاعب أنَّ “التصعيد مرتبط بغرفة عمليات للمقاومة خارج غزة، والتنسيق قائم فيما بينها، فإذا ما كانت حماس بحاجة لتورط الشمال، فلن يدخل هذا الشمال الحرب، أّما من ناحية إسرائيل، فإذا فشلت في غزة، ممكن أن توجّه جهدها إلى الشمال”.
ملاعب اعتبرَ أنّه “إذا حاولت إسرائيل استدراج حزب الله للردّ، عندها لن تكون الجبهة الشمالية باردة، وإذا أصرت على هذا النحو فالمنطقة كلها ستكون في عين العاصفة”، واصفاً كلّ الوساطات لمنع فتح جبهة جديدة، ترقيد للوضع، حتّى يتمكن العدو من القتال على الجبهة الأخرى.
إذاً، تبقى الوقائع الميدانية في الجنوب مؤشراً سلبياً للتطورات الأمنية المُقبلة على المنطقة، والتي ليست في الحسبان، في ظل اللامبالاة الواضحة من بعض الأفرقاء السياسيين، الذين يغردون خارج سرب ما يجري في الجنوب والخطر الداهم على لبنان.