كتبت صحيفة “الأنباء” الالكترونية: تفوّق العدو الإسرائيلي على نفسه بوحشيته وإجرامه، مرتكباً جريمة حرب موصوفة بحق الشعب اللبناني، لا تنفصل عن جرائمه المرتكبة في غزة والضفة الغربية وجنوب لبنان، وتاريخه الدموي منذ عقود.
خرق أمني خطير نفّذته إسرائيل، يوم أمس، ضد لبنان والمقاومة عبر خرق وتفجير أجهزة الاتصالات “بايجر”، ما أدّى إلى استشهاد 9 عناصر وجرح أكثر من 3000 عنصر، وهي العملية الأخطر منذ حرب تمّوز، والتي قد تشكّل منعطفاً في الحرب.
الاعتداء هذا يستوجب أعلى درجات التضامن لبنانياً، وقد أعرب الرئيس وليد جنبلاط عن تضامنه مع المقاومة وأهل الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية، وشدد على أهمية التضامن الوطني في مواجهة ما يتعرض له لبنان من عدوان إسرائيلي غير مسبوق يطال أمن وسيادة لبنان، ويستوجب أعلى درجات التكاتف للتصدي لهذه الحرب الإسرائيلية. كما أصدر الحزب التقدمي الاشتراكي بياناً أدان فيه التصعيد غير المسبوق الذي يُترجم بشكل مباشر نوايا حكومة العدو ضد كل لبنان، ويعيد تأكيد طبيعة العدو الإجرامية.
بقراءة أمنية، يُجمع خبراء التكنولوجيا على أن إسرائيل تمكّنت من خرق شبكة الاتصالات الخاصة بالحزب وقامت بما يُسمى Overheating للأجهزة ما أدّى إلى ارتفاع حرارة بطاريتها وانفجارها، واستبعد الخبراء المعلومات المسرّبة والتي تُفيد بأن الأجهزة كانت مفخّخة، لأن “حزب الله” يتفحّص معدّاته قبل استعمالها.
إلى ذلك، ثمّة سؤال آخر، هو ما خلفيات هذه العملية؟ هل هي رد على ما أعلنته إسرائيل حول إفشال مخطّط لحزب الله كان يهدف إلى اغتيال مسؤول أمني كبير؟ أم انّه مقدّمة لحرب ميدانية واسعة؟
خبراء عسكريون يُشيرون إلى أن العملية قد تكون بجزء منها بمثابة رد، أي اغتيال وخرق مقابل اغتيال وخرق، لكنها أضخم من ذلك، وتحمل رسائل عدة للحزب وترسم معالم حرب جديدة بسلاح التكنولوجيا وتوظيفها غي خدمة أعمالها العدوانية.
رد “حزب الله” قادم وهذا مؤكد، لكن الأيام المقبلة ستكشف شكل الرد، وبالتالي فإن المنطقة عادت إلى التسخين من جديد بعد فترة من الهدوء النسبي، والأمور عادت لتُفتح على مصراعيها ومنسوب الخطر يتفاقم.
هذا التصعيد الأمني الخطير ترافق مع إعلان الكابينيت الإسرائيلي “تحديث أهداف الحرب”، وإضافة إليها “بند إعادة سكّان الشمال الى مستوطناتهم”، وبالتالي هذا المستجد قد يكون خطوة بين هذه الخطوات، وقد يكون أداة ضغط على الحزب لتراجعه عن الحدود.
ويتزامن أيضاً مع حديث في إعلام العدو مفاده أن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو يُريد استبدال وزير دفاعه غالانت المُعارض لتوسيع الحرب شمالاً، بجدعون ساعر الذي يمنحه “مرونة أوسع بالتحرك العسكري ويميل للسيناريوهات المتطرفة أكثر من غالانت”.
ورغم نفي نتنياهو هذه المعلومات، لكنها تبقى مطروحة في حال قرّر الإجرام الإسرائيلي التوجّه نحو تسخين الجبهات والتصعيد العسكري، مستغلاً الانشغال الأميركي بالانتخابات الرئاسية وفترة السماح حتّى موعد الانتخابات، إذ إن إسرائيل متحرّرة من أي ضوابط.
إذاً، فإن المنطقة على صفيح ساخن جداً، والممارسات المتطرفة باتت تأخذ منحى أخطر، وفي حال وجد الجنون الإسرائيلي فرصة سانحة لتنفيذ عملية واسعة في لبنان، فإنّه لن يتأخر في ظل غياب الروادع، ما يستدعي تضامناً داخلياً واسعاً لتمرير هذه المرحلة الخطيرة من تاريخ لبنان.